"إسرائيل" تكبّدت خسائرَ على المستوياتِ كافّة

"اتفاق وقف إطلاق النار".. إرادةٌ وصمودٌ شعبيٌّ يُفشِل أهدافَ الاحتلال

تقارير وحوارات

غزة/ معتز شاهين:

بعد 470 يوماً من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أدّى اتفاق وقف إطلاق النار إلى لحظة فارقة في الصراع، حيث اعتبره المراقبون أنه جاء نتيجة لصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته التي حققت أهدافها، خاصة بتوجيه ضربة قوية للاحتلال الإسرائيلي، ورَغمَ أن الحرب لم تنتهِ رسميًّا، فقد أظهرت المعركة فشلَ الاحتلال في تحقيق إنجازاتٍ وتكبيدِهِ خسائرَ كبيرة.

 

وأوضح المراقبون في أحاديث منفصلة مع "الاستقلال" أمس الأحد، أن الحرب التي شنّتها "إسرائيل" على غزة لم تكُن محصورة في "إسرائيل" وحدها، بل كانت حربًا بمشاركة الدعم الغربي؛ ما جعل تكاليفها السياسية والاقتصادية على الاحتلال أكبر بكثير من المتوقَّع.

 

دخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيِّز التنفيذ عند الساعة الثامنة والنصف من صباح أمس الأحد، لتنتهي 471 يومًا من حرب الإبادة الجماعية التي شنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، في الوقت ذاته واصل الاحتلال الإسرائيلي خرقَهُ للاتفاق؛ ممّا أسفر عن ارتقاء عدد من الشهداء والجرحى.

 

وعند الساعة الثامنة والنصف صباحًا، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال: "وقف إطلاق النار لن يدخل حيِّز التنفيذ حتى وفاء حماس بالتزاماتها وتقديم قائمة الأسيرات العائدات اليوم"، وقال: "إنّ جيش الاحتلال سيواصل شنَّ الغارات على غزة".


وفي تطوّرٍ لاحق، أعلنت حركة حماس أنها سلّمت للوسطاء، صباح أمس، أسماءَ الأسيرات الثلاث اللاتي سيُفرَج عنهن.

أهدافٌ تفوقُ القُدرَات

وأكّد الكاتب والمحلِّل السياسي عصمت منصور أن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين فصائل المقاومة والاحتلال الإسرائيلي؛ جاء نتيجة لصمود الشعب الفلسطيني والمقاومة التي نجحت في تحقيق أهدافها من خلال توجيه ضربة أمنية قوية للاحتلال الإسرائيلي؛ ممّا أجبره على قبول صفقة التبادل.

 

وأشار منصور في حديثٍ خاص مع صحيفة "الاستقلال"، أمس الأحد، إلى أن الاحتلال وضع أهدافًا غير مناسبة لحجم قدراته، وهو ما جعله يفشل في تحقيقها رَغمَ ما ارتكبه من مجازرَ ودمار، مُوضحًا أن المقاومة كانت دائمًا تتمتع بالإرادة والإيمان بالقضية؛ ممّا مكّنها من الاستمرار في مواجهة الاحتلال.

 

وفيما يتعلق بعدم قدرة الاحتلال على التحكُّم في الأوضاع بعد انتهاء الحرب، أشار منصور إلى أن الحرب لم تنتهِ بشكلٍ رسميّ بعد، وأن الاحتلال ما يزال يواجه معادلاتٍ جديدة وقوىً تُكبِّله، مؤكدًا أن شعبنا والمقاومة قادرون على الصمود أمامه.

 

ولفت منصور إلى أن الاحتلال تكبّدَ خسائرَ كبيرة على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية، وأن هذه الخسائر ستكون لها تداعيات مستقبلية، والاحتلال اعترف جزئيًا بهذه الخسائر، مشدِّداً على وجود خسائرَ أخرى ما زال الاحتلال يُخفيها.

 

أمّا عن الدعم الغربي لـ"إسرائيل"، فقد قال منصور إن الدعم الأمريكي والغربي كان العامل الرئيسيّ الذي مكَّنَ الاحتلال من مواصلة الحرب بهذا الحجم من الخسائر، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" كانت بحاجة إلى هذا الدعم؛ لتستمر في حربها على غزة.

استراحةُ مُقاتِل

من جهتها، رأت الكاتبة والمحلِّلة السياسية رهام عودة أن المقاومة الفلسطينية قد حققت نجاحًا كبيرًا في إحراج حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة "بنيامين نتنياهو" بعد موافقتها على الصفقة الأخيرة.

 

وقالت عودة لـ"الاستقلال": "إنّ نجاح صفقة تبادل الأسرى الأخيرة كان لها تأثير كبير على الساحة السياسية، حيث ألحق إحراجًا بالاحتلال أمام حليفه الاستراتيجي الولايات المتحدة الأميركية، التي كانت تراهن على رفض حماس للصفقة، ما كان سيمنح نتنياهو ذريعة لاستمرار الحرب".

 

وفي تقيّيمها لخسائر الاحتلال، أشارت عودة إلى أن الاحتلال تكبّد خسائرَ اقتصادية وأمنية كبيرة، حيث واجه أزمة اقتصادية وهجرة رؤوس الأموال، كما تطرقت إلى تأثير الدعم الغربي، خاصة الأمريكي، الذي شجّع الاحتلال على استمرار الحرب، قبل أن يؤدّي تقليص ميزانية التسليح إلى تراجعه.

 

وأشادت، بالدور الاستراتيجي الذي لعبته الدول الداعمة لغزة، التي لم تتخلَّ عن دعم المقاومة رغم استهدافها من قِبَل الاحتلال.

وأكّدت عودة، على أن الصفقة الحالية قد تمثل "استراحة مقاتل" للمقاومة، التي قد تركِّز في المستقبل على تقيّيم الوضع العسكري والاستعداد لمقارعة الاحتلال في الضفة الغربية.

 

ومنذ 7 أكتوبر 2023 تشنّ "إسرائيل" حرباً دامية على قطاع غزة، قصفت خلالها المنازل فوق رؤوس ساكنيها، واستهدفت البُنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمساجد، قصفت التجمعات والأسواق ونقاط توزيع المساعدات والمياه، أسفر عن أكثر من 157 ألف شهيد وجريح و11 ألف مفقود، مع حصار خانق لأكثر من 2.3 مليون فلسطيني باتوا نازحين في خيام بعد تدمير منازلهم.

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق